اخبار المدينه العدد 559 الاربعاء
30/ 4/ 2014 الموافق 1/ 7/ 1435 هجريه
أسسها بتورنتو سعيد عبدالله سعيد شاهين
فى يوم الثلاثاء 8/3/2011
الراى والراى الآخر النقد والنقد الذاتى
أخبار المدينه أدب الحوار وتقبل الآخر
************
فى هذا العدد
نافذة على الوطن عوض محمد الحسن انهيار قانون الدوله ودولة القانون وسقوط الدوله د.مها سعيد ، غرائب الاخبار سائحه فرنسيه تحسن لريتشارد، اخبار متفرقه رئاسة الجمهوريه تجدد الثقه فى والى الخرطوم ، العوده للسلم التعليمى القديم ، ابوما يطلب دعوات امام مسجد ماليزى ، ملف الطائره الشبح ، فى ذكرى الاول من مايو عنها بدرالدين ، دفء الاسره تجديد مشاعر الحب بينكما ، صحه وعافيه الزواج والاكتئاب ، فنون سر سعادة نانسى ، الشاشه الفضيه كلودى يترك الامم المتحده من اجل عيونها ، حسين شنقراى فى حى الشعراء قول الكلمه ، اخبار بورسودان ، محليات دعوه هامه ، الملاعب الخضراء نتائج الممتاز الهلال والمريخ واهلى شندى، نتائج القرعه الافريقيه ، ريال مدريد يذل بايرن ، راموس يهدى النصر ،رومينيجيه لم نكن محظوظين ،ابوماما يلعب الكره باليابان ، هدية العدد جميل ما سالناه ، مقالات وتحليلات كلام الناس ، د/اللداوى الجامعه العربيه مكتوفة اليد مقطوعه اللسان
***********
هدية العدد
جميل ما سالناه
زيدان ابراهيم
******
نقرأ غدا
د.اللداوى المصالحة حكم مبرم
******
نافذه على الوطن
السودان: انهيار قانون الدولة ودولة القانون وسقوط الدولة
عوض محمد الحسن
aehassan@gmail.com
في عام 1821، غزا جيش محمد على باشا بقيادة ابنه اسماعيل باشا السودان، وهو بلد غالبيته من المسلمين وتحكمه دولة مسلمة هي سلطنة الفونج (السلطنة الزرقاء)، بحثا عن المال والرجال – الذهب والرقيق. وقد حكم أتراك مصر بلاد السودان نحو سبعة عقود حكما “استعماريا” خالصا هدفه حلب موارد البلاد الطبيعية والبشرية لمصلحة باشا مصر، ولمصلحة الإداريين الفاسدين الذين حكموا السودان باسمه.
لا فرق يذكر عندي بين حكم عهد التركية السابقة (1821-1885) للسودان وحكم نظام الإنقاذ (1989-2014) سوى أن حكم الأتراك (على قسوته) كان أكثر عقلانية وتنظيما، وأكثر رأفة بالشعب السوداني مقارنة بحكم نظام الإنقاذ، وأنه ترك بلاد السودان الممتدة من قرب منابع النيل الأبيض إلى وادي حلفا، ومن أقصى غرب كردفان إلى ساحل البحر الأحمر موحدة تحت إدارة مركزية، بينما نجح نظام الإنقاذ نجاحا باهرا في تفتيت وحدة البلاد بدفع الجنوب إلى الإنفصال، والسعي بهمة لتفتيت باقي السودان.
غير أن وجه الشبه الرئيسي بين النظامين هو استنادهما على فكرة “الغزو” التي تجعل ثروات البلد البشرية والمادية “غنيمة” سائغة للغازي وتجعل مهمة الغازي الرئيسية هي السلب والنهب وتجريد البلاد من كل ثمين باستخدام العنف والبطش والقسوة، ولو أدى ذلك إلى إفقارها وإفقار أهلها، وهلاكها وهلاك أهلها. وحين أنظر إلى سجل نظام الإنقاذ منذ عام 1989 في الفساد ونهب المال العام وثروات البلاد، (وآخر هذا السجل قضية شركة الأقطان وفساد معاوني والي الخرطوم، وهما ذؤابة جبل الجليد المهول الرابض تحت السطح)، يزداد يقيني أن النظام وقادته، كبارا وصغارا، لا يرون السودان وشعبه إلا بعيون الغُزاة، يعاملون المال العام وثروات البلد وثروات أهله كغنائم حرب، حلال بلال على الغازي المنتصر، يفتسمونها، لا شك، وفق الشرع الحنيف. وإلا كيف نُفسر الكيفية التي تم بها التعامل مع فساد شركة الأقطان وفساد ولاية الخرطوم، وكل قضية فساد وسرقة ونهب تمت منذ عام 1989؟
الحق يُقال، أصابني الذهول وانا اقرأ بيان وزير العدل امام المجلس الوطني في الأسبوع الماضي عن قضية شركة الأقطان، وتعمق ذهولي وانا اقرأ المقابلات الصحفية مع أعضاء لجنة التحكيم وخطاب وزير العدل السابق لوزير العدل الحالي، وازداد ذهولي وانا اقرأ بعض ما ورد في صحف السودان من اخبار وتعليقات على قضية شركة الأقطان. ولم يكن مصدر ذهولي هو المبالغ المهولة المنهوبة (بالعملات الأجنبية والمحلية)، ولا مشاركة وعلم مؤسسات الدولة السيادية بالبنك المركزي ووزارة العدل، ولا استمرار واستفحال فساد شركة الأقطان لأكثر من عقدين من الزمان تحت نظر الجميع، ولا إخضاع الأمر “للتحكيم”، ولا الحكم لصالح شركة “مدكوت” بتعويض “مناسب”، ولا أشارة وزير العدل إلى تعرضه ل”ضغوط”. ما أثار ذهولي هو معاملة الجميع لما حدث كمسألة فنيّة تحتمل تفاسير متباينة وفق المدارس “الفقهية”: هل يجوز لرئيس القضاء أن يرأس لجان التحقيق؟ وهل يجوز له أخذ مقابل مالي على ذلك؟ وهل أخطا وزير العدل بالحديث عن القضية في البرلمان وهي لا تزال قيد النظر؟ أثار انتباهي أيضا صمت قيادات الدولة والحزب والحركة التام وهم السباقون للمايكروفون في كل كبيرة وصغيرة.
على أن أكثر ما أثار ذهولي وغضبي هو الجرأة على الباطل التي تتسم بها جرائم النهب المنظم للمال العام، والتستر على هذه الجرائم، والبرود الذي تُعامل به جرائم النهب والاحتيال، والخِفّة التي تُنفذ بها القوانين، والطريقة الروتينية التي تتحرك بها أجهزة إنفاذ القانون، والأجهزة التنفيذية والقضائية، ووسائل الإعلام في حسم جرائم الإعتداء الممنهج على المال العام، مثل اللجوء للتحكيم، و”التحلل”، والتستر، في وقت يحتضر فيه الاقتصاد الوطني، وتوت فيه العملة الوطنية موتا بطيئا، ويرفع فيه النظام ومناصروه رايات الحوار والإصلاح والمكاشفة وإنقاذ البلاد من كارثة محدقة، والكارثة قد وقعت وأصابت البلاد في مقتل.
رحم الله مجدي محجوب وجرجس. تم إعدامهما بتهمة تخريب الاقتصاد الوطني في بضعة دولارات من حُرِّ مالهما. ماذا يُسمّون إذن ما تم في شركة الأقطان وفي مكتب والي الخرطوم (وفي ولاية الجزيرة، وولاية سنار، وولاية شمال كردفان، وولاية شمال دارفور، وولاية كسلا، وفي الخطوط الجوية السودانية، والخطوط البحرية، وشركات القطاع العام والهجين، وكل مرفق من مرافق الدولة؟)
ورحم الله محمد على باشا الذي غزا السودان للمال والرجال. بارت سوق الرجال، أما المال فيبدو أنه لم يفقد بريقه أبداّ!
***************
********